الاثنين، 22 يونيو 2009

تفاءلوا بالخير تجدوه...


باسم الله الرحمن الرحيم


والصلاة والسلام على أشرف المرسلين , سيدنا محمد خاتم الأنبياء والرسل


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


التفاؤل ... ما أعظمها من كلمة لو وجدت مكانا في حياتنا ,إنه شعور يشرح القلب... ويبعث النشاط في الجسد, فيا ترى هل سألتم أنفسكم ماذا تعني هاته الكلمة!!!؟؟


لقد تنوعت تعار يف التفاؤل, لكن معظمها يرمي الى شيء واحد, فالتفاؤل هو نظرة استبشار نحو المستقبل, تجعل الفرد يتوقع الأفضل, وينتظر حدوث الخير, ويرنو إلى النجاح, ويستبعد ما خلا عن ذلك.


وهو أيضا عبارة عن ميل أو نزوع نحو النظر إلى الجانب الأفضل للأحداث أو الأحوال, وتوقع أفضل النتائج.


غير أن الشيء الغريب المنتشر في مجتمعاتنا اليوم , أن معظم الناس يوجهون تركيزهم نحو الجانب السلبي, الجانب المظلم, العقبات....مما يجعلهم يسجنون أنفسهم في هاته المعوقات والأحزان, متناسينا بذلك الجانب المشرق من حياتهم, والإمكانات التي تتوفر لديهم...


فلنغير هاته النظرة السوداوية التشاؤمية, ولنعمل بمقولة " تفاءلوا بالخير تجدوه"


لو حللنا هاته المقولة سنجد:


تفاءلوا ( هذه هي الفكرة) بالخير( هذه هي الوسيلة) تجدوه ( هذه هي النتيجة)


من خلال هذا التحليل نتوصل إلى أن التفاؤل هو الأسلوب السليم في التعامل مع الحياة, فالإنسان المتفائل هو الراضي عن حياته, المؤمن بالقضاء والقدر, المتوكل على الله سبحانه وتعالى دائما طموح....., فهو يعتبر نعمة من الله عز وجل منحنا إياها حتى تنير لنا دروب حياتنا وتبعث فينا الأمل من جديد مهما واجهنا من مصاعب.


يقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي " أنا عند حسن ظن عبدي بي" رواه البخاري ومسلم


كما يعد التفاؤل سنة نبوية, فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الفأل وينهى عن التشاؤم والتطير, وكان منهجه في التفاؤل يتجلى في ( قدر الله و ما شاء فعل), وقد كان ينهى قومه عن كلمة لو لأنها تفتح عمل الشيطان, وأمرهم أن يقولوا : (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(البقرة: 216


وإذا تتبعنا حياة الرسول صلى الله عليه وسلم سنجدها مليئة بالتفاؤل وحسن الظن بالله, ويظهر ذلك في عدة مواقف منها :


تفاؤله صلى الله عليه وسلم وهو في الغار مع صاحبه, والكفار على باب الغار وقد أعمى الله أبصارهم فعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال:( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار,فرفعت رأسي, فإذا أنا بأقدام القوم, فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا,قال: أسكت يا أبا بكر, اثنان الله ثالثهما) متفق عليه.


وأيضا تفاؤله صلى الله عليه وسلم عند حفر الخندق حول المدينة، وذكره لمدائن كسرى وقيصر والحبشة، والتبشير بفتحها وسيادة المسلمين عليها.


كما نجد كذلك أن للتفاؤل فوائد صحية حيث أثبتت الأبحاث والدراسات ذلك , ومن هاته الفوائد التي تجعلنا نتفاءل:


1- التفاؤل يرفع نظام مناعة الجسم ضد جميع الأمراض.


2- التفاؤل يمنح الإنسان قدرة مواجهة المواقف الصعبة واتخاذ القرار المناسب.


3- يحبب الناس إليك فالبشر يميلون بشكل طبيعي إلى المتفائل وينفرون من المتشائم.


4- التفاؤل يجعلك أكثر مرونة مع علاقاتك الاجتماعية وأكثر قدرة على التأقلم مع الوسط المحيط بك.


5- التفاؤل مريح لعمل الدماغ!! فأن تجلس وتفكر عشر ساعات وأنت متفائل, فإن الطاقة التي يبذلها دماغك أقل بكثير من أن تجلس وتتشاءم لمدة خمس دقائق فقط!


6- التفاؤل يمنحنا السعادة, ويجعلنا نتمتع بالحياة.

بعدما تعرفنا على التفاؤل وأهميته, وإيجابياته العديدة أصبح من واجبنا إنتهاج هاته المنظومة العظيمة, حتى تنير لنا حياتنا وتسهل لنا طريق النجاح , ومن أهم العوامل التي تستند عليها هاته المنظومة :


_حسن الظن بالله:

لأن التشاؤم نهى عنه رسولنا الكريم, والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله في كل الأحوال.


_التوكل على الله عز وجل :

وهو من أسباب النجاح، فالإنسان عندما يكون متوكلاً على الله في كل أمره يكون مرتاح البال في أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه مما يجعله يندفع في هذه الحياة باذلاً ما يملك من جهد في سبيل تحقيق أمنياته.



_ أعقلها وتوكل:

التفاؤل لا يعني أن نحسن الظن من دون بذل أي مجهود, فالاثنين ( التفاؤل والتوكل ) مرتبطان ارتباطا وثيقا, بمعنى أن قوة ثقتك بالله وعونه لك يهون عليك المصاعب التي تواجهها.



_إن من البيان ...لسحرا:

إن للكلمات أثر السحر في التأثير على الإنسان كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من البيان لسحرا), فنجد الكلمات الايجابية تبعث طاقة ونشاط في الانسان عكس المفردات السلبية.



_ القرآن الكريم:

فليس مثله كتاب على وجه الأرض يمنح المؤمن التفاؤل والفرح والسرور,ومهما تكن الهموم ثقيلة والمصيبة كبيرة فإنه يهونها علينا, ونجد فيه كذلك كل الحلول لمشاكلنا ويكفي أن تقرأ هذه الآية العظيمة التي تمنح الإنسان الرحمة والفرح والأمل، يقول تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم) الزمر: 53


السبت، 13 يونيو 2009

أخــوة...!!!...صداقة...!!!











باسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين .

كم هي جميلة هذه الكلمة ، وكم هي رائعة حقا !!!
ترى هل هذه الكلمة موجودة حقا في حياتنا اليومية ، أم أنها مجرد كلمة أسطورية ، لا يمكن أن تتحقق في زماننا هذا ؟؟؟ ..
يقول الشاعر :
سمعنا بالصديق ولا نراه ... على التحقيق يوجد في الأنام
وأحسبه محالاً نمــقوه ... على وجه المجـاز من الكلام !.
الأخوة، أو الصداقة موجودة حقيقة، ولكنها نادرة الوجود ...!، أتدري؟!، إنها جوهرة نفيسة جدا وغالية الثمن!، ومن يحصل عليها، فقد حصل على شطر كبير من السعادة! .
قال زياد: خير ما اكتسب المرء الإخوان، فإنهم معونة على حوادث الزمان ونوائب الحدثان، وعون في السراء والضراء.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه الرجل بلا أخ كشمال بلا يمين، وأنشدوا في ذلك:
وما المرء إلا بإخـــوانه ... كما يقبض الكف بالمعصم
ولا خير في الكف مقطوعة ... ولا خير في الساعد الأجذم
إذا؛ فمن هو الأخ، أو الصديق؟! .
على حسب علمي؛ الصديق هو أنت إلا أنه في قالب شخص آخر !، هذا ما أعرفه عن الصديق ...!، فماذا عنك أنت ؟! .
في بداية مشوار حياتك تتعرف على الكثير من الأشخاص، والعديد منهم يدعي مصادقتك، ولكن وحدها حوادث الزمان تميزهم !.
أنت صديقي!، أنت أخي!، أنا أحبك! ...وغيرها من الكلمات التي يراها الناس بسيطة، تخرج من أفواههم بكل بساطة، ولا يبالون، و يتجاهلون قدر هذه الكلمات وكأنها بلا معنى .
في الحقيقة الأخوة، أو الصداقة تعني التناسب بين المتصادقين، تحس أن بينهم انسجاما، وتناغما، ...هذا المعنى دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام، فعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف " .
إذا؛ الصداقة هي أكثر من مجرد كلمة!، إنها أكبر من ذلك كثير، حتى أن المتحابين في الله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ : " ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه"، و يجعلهم الله في منزلة في الجنة يغبطهم عليها النبيون و الشهداء !!!، فعن أبي مسلم، قال قلت لمعاذ والله إني لأحبك لغير دنيا أرجو أن أصيبها منك ولا قرابة بيني وبينك، قال: فلا شيء؟، قلت: لله، قال: فجذب حبوتي، ثم قال أبشر إن كنت صادقا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء"، قال: ولقيت عبادة بن الصامت فحدثته بحديث معاذ، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن ربه تبارك وتعالى: حقت محبتي على المتحابين في وحقت محبتي على المتناصحين في وحقت محبتي على المتباذلين في هم على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء والصديقون " .
وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا " .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن رجلا زار أخا له في قرية فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكا فلما أتى عليه الملك قال : أين تريد ؟ قال : أزور أخا لي في هذه القرية قال : هل له عليك من نعمة تربها؟، قال : لا إلا أني أحببته في الله قال : فإني رسول الله إليك أن الله عز وجل قد أحبك كما أحببته له " .
أقول المتحابون في الله، في الله وفقط!، لأن أي حب في غير الله، لأي سبب مهما كان، فهو سبب دنيوي، وقيمة ذاك الحب تساوي قيمة الدنيا!!!
ووحده الحب في الله من يدوم ويبقى، ولا يخشى عليه من الزوال، ووحده ينال به حب الله تعالى .
وبما أن الأخوة عقد محبة بين طرفين؛ فهذا يعني أن بين الطرفين حقوقا وواجبات!، فهل تود أن تتعرف عليها ؟!
حسنا ...!!
المادة الأولى: أن تؤاخي و تصادق صالحا؛
وعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: ما أعطى عبد بعد الإسلام خيراً من أخ صالح.
وقال أبو الدرداء: لَصَاحِبُ صَالح خيرُ من الوحدة، والوحدة خير من صاحب السوء، ومملي الخير خير من الساكت خير من مملي الشر.
وقال أبو حاتم: العاقل لا يصاحب الأشرار؛ لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار تُعْقِبُ الضغائن، لا يستقيم وُدُّه ولا يفي بعهدهِ؛ وكل جليس لا يستفيد المرء منه خيراً تكون مجالسة الكلب خيراً من عشرته، ومن يصاحب السوء لا يسلم كما أن من يدخل مدخل السوء يُتّهم، ومن كان أصدقاؤه أشراراً كان هو أشرهم وكما أن الخًيِّر لا يصحب إلا البرَرَة كذلك الرديء لا يصحب إلا الفَجَرة.
وقال يحيى بن معاذ: " صحبة أهل الصلاح تورث في القلب الفلاح، وصحبة أهل الفساد تورث فيه الفساد " .
المادة الثانية: أن تعترف له بحبك؛
عن أنس ابن مالك، أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمر به رجل فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :أعلمته ؟،قال: لا، قال: أعلمه، قال فلحقه فقال إني أحبك في الله، فقال أحبك الذي أحببتني له .
المادة الثالثة: أن تواسيه بكل ما تملك؛
بالمــال مثلا؛ جاء رجل إلى أبو هريرة رضي الله عنه وقال: إني أريد أن أؤاخيك في الله فقال: أتدري ما حق الإخاء؟ قال: عرفني، قال: أن لا تكون أحق بدينارك ودرهمك مني، قال: لم أبلغ هذه المنزلة بعد؟ فاذهب عني.
وقال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل: هل يدخل أحدكم يده في كم أخيه أو كيسه فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه؟ قال: لا قال: فلستم بإخوان.
وروي أن مالك بن دينار ومحمد بن واسع دخلا منزل الحسن وكان غائباً، فأخرج محمد بن واسع سلة فيها طعام من تحت سرير الحسن، فجعل يأكل فقال له مالك: كف يدك حتى يجيء صاحب البيت، فلم يلتفت محمد إلى قوله وأقبل على الأكل، وكان مالك أبسط منه وأحسن خلقاً، فدخل الحسن وقال: يا مويلك هكذا كنا لا يحتشم بعضنا بعضاً حتى ظهرت أنت وأصحابك.
وجاء فتحي الموصلي إلى منزل لأخ له وكان غائباً، فأمر أهله فأخرجت صندوقه ففتحه وأخذ حاجته فأخبرت الجارية مولاها فقال: إن صدقت فأنت حرة لوجه الله سروراً بما فعل.
وكان مساور الوراق يقول: « ما كنت لأقول لرجل إني أحبك في الله عز وجل، فأمنعه شيئا من الدنيا» .
قال بسطام التيمي: "كان حماد بن أبي سليمان يزورني ويقيم عندي سائر نهاره ، ولا يطعم شيئا، فإذا أراد أن ينصرف قال: « انظر الذي تحت الوسادة فمرهم ينتفعون به »، قال : فأجد الدراهم الكثيرة .
وقال الشاعر :
وليس أخي من ودني بلسـانه ... ولكن أخي من ودني وهو غائب
ومن ماله مالي إذا كنت معدماً ... ومالي له إن أعوزته النــوائب.
واسيه ولو بالحفاء؛
قال محمد بن مناذر : « كنت أمشي مع الخليل بن أحمد فانقطع شسعي فخلع نعله، فقلت : ما تصنع ؟ قال : أواسيك في الحفاء » .
المادة الرابعة: العفو عن أخطائه؛
قيل: من لا يؤاخي إلا من لا عيب فيه قل صديقه، ومن لم يرض من صديقه إلا بإيثاره على نفسه دام سخطه، ومن عاتب على كل ذنب ضاع عتبه، وكثر تعبه.
قال الشاعر:
ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
وقال آخر:
إذا كنت في كل الأمور معـــاتباً ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبـه
وإن أنت لم تشرب مراراً على الأذى ...ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
وقيل لخالد بن صفوان: أي إخوانك أحب إليك؟ قال: الذي يسد خلتي ويغفر زلتي ويقيل عثرتي .
وقال أبو تمام:
من لي بإنسان إذا أغضـبته ... وجهلت كان الحلـم رد جوابه
وإذا صبوت إلى المدام شربت ... من أخلاقه وسكرت من آدابه
وتراه يصغي للحديث بطرفه ... وبقلبــه ولعــله أدرى به
وقال إياس بن معاوية: خرجت في سفر ومعي رجل من الأعراب، فلما كان في بعض المناهل، لقيه ابن عم فتعانقا وتعاتبا، وإلى جانبهما شيخ من الحي، فقال لهما: انعما عيشاً إن المعاتبة تبعث التجني، والتجني يبعث المخاصمة، والمخاصمة تبعث العداوة، ولا خير في شيء ثمرته العداوة !.
المادة الخامسة: أن تظل صديقه في الشدة والرخاء؛
قال عمرو بن العاص لابنه عبد الله: ما الكرم ؟، قال : « صدق الإخاء في الشدة والرخاء » .
و أوصى بعض السلف ابنه فقال: يا بني لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك، وإن استغنيت عنه لم يطمع فيك، وإن علت مرتبته لم يرتفع عليك!.
وقال الشاعر؛
إن أخاك الصدق من يسعى معك ... ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صــدعك ... شتت فيك شمله ليجمعك
يحكى أنه لما غضب السلطان على الوزير ابن مقلة، وأمر بقطع يده لما بلغه أنه زور عنه كتاباً إلى أعدائه وعزله، لم يأت إليه أحد ممن كان يصحبه ولا توجع له، ثم إن السلطان ظهر له في بقية يومه أنه بريء مما نسب إليه، فخلع عليه ورد إليه وظائفه، فأنشد يقول هذه الأبيات:
تحالف الناس والزمـان ... فحيث كان الزمان كانوا
عاداني الدهر نصف يوم ... فانكشف الناس لي وبانوا
يا أيها المعرضون عنـا ... عودوا فقد عاد لي الزمان
وقال في هذا المعنى محمد بن زياد :
إني رأيت الناس غير أهلهم ... لا يعظمون أخا لغير يساره
فإذا رأوه بغبطة حفوا بـه ... ويهون عندهم لدى إعساره
المادة السادسة: حسن الظن به، والتواضع له،
قال الربيع: دخلت عَلَى الشافعي وهو مريض فقلت: قوّى الله ضعفك فقال: لو قوّى ضعفي قتلني قلت: والله ما أَردت إِلاَّ الخير قال: أَعلم أَنك لو شتمتني لم تُرِد إِلاّ الخير.
و حسن الظن هو أساس هذه العلاقة!
يليه التواضع؛ إذ به تتآلف القلوب، وليس الجميع يحسن فهم تواضعك لهم، فمنهم من يراه كرما منك، ومنهم من يراه تذللا له! .
قال الشاعر:
تذلل لمن إن تذللت لــه ... يرى ذاك للفضل لا للبـــله
وجانب صداقة من لا يزا ... ل على الأصدقاء يرى الفضل له

المادة السابعة: الوفاء له؛
قيل لابن السماك: أي الإخوان أحق ببقاء المودة؛ قال: الوافر دينه، الوافي عقله، الذي لا يملك على القرب ولا ينساك على البعد، إن دنوت منه داناك، وإن بعدت عنه راعاك، وإن استعنت به عضدك، وإن احتجت إليه رفدك، وتكون مودة فعله أكثر من مودة قوله.
ومن الوفاء لصديقك أيضا، برك بأهله وأحبابه، و الحرص عليهم، ورعايتهم .
هذه بعض مواد قانون الأخوة أو الصداقة، إن صح التعبير...
قد تقول: يا إلهي!؛ قد جعلت الصداقة والأخوة بموادك القانونية هذه، معنى جافا!
قد يكون معك حق، ولكن قد تعذرني حين تعرف السبب...
يستهين الناس بهذه الرابطة؛ فرأيت أن أجعلها على شكل قانون لعلهم يحسنون الالتزام بها...!!!
من الضروري هنا ذكر بعض أخطاء يفعلها البعض جهلا، أو تجاهلا ...!
من هذه الأخطاء؛ أنه قد يكون لك صديق يحبك وتحبه؛ ولكن بشعور منك، أو من غير شعور منك تستغله!، ...أجل تستغله!...كيف؟!
مثلا؛ تستعمله كثيرا؛ فلان يا صديقي افعل كذا!، فلان يا أخي أحضر كذا!، فلان يا عزيزي أعطني كذا! ...
وصلت الفكرة؟! ...أحذر إذا ...
أيضا من الأخطاء التي قد تقع؛ أن أحدهم يريد أن يمزح، أو يريد أن يضحك الناس، ولأنك صديقه، يعلم مسبقا أنك لن تغضب منه، أو لعلك تغضب منه، و لكن يسهل إرضاؤك، فيعمد إليك ليجعلك مادة لمزاحه، ولعله يحقر من شأنك أمام الناس، إن كان ذلك مسليا لهم، أو يفعل بك أفاعيل تجعلك محل سخرية ...
وصلت الفكرة؟! ...احذر إذا ...
أما فيما يلي؛ فإليك بعض الكلمات ضعها أمام عينيك دائما :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما تحاب رجلان في الله؛ إلا كان أحبهما إلى الله عز وجل أشدهما حبا لصاحبه " .
هذا أمر...!!، الأمر الثاني:
قال علي رضي الله عنه : أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما !!.
الأمر الأخير؛
عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: إذا رأى أحدكم ودّاً من أخيه، فليتمسك به، فقلما تصيب ذلك ! .

Blogger template 'BubbleFish' by Ourblogtemplates.com 2008