تفاءلوا بالخير تجدوه...


باسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين , سيدنا محمد خاتم الأنبياء والرسل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التفاؤل ... ما أعظمها من كلمة لو وجدت مكانا في حياتنا ,إنه شعور يشرح القلب... ويبعث النشاط في الجسد, فيا ترى هل سألتم أنفسكم ماذا تعني هاته الكلمة!!!؟؟
لقد تنوعت تعار يف التفاؤل, لكن معظمها يرمي الى شيء واحد, فالتفاؤل هو نظرة استبشار نحو المستقبل, تجعل الفرد يتوقع الأفضل, وينتظر حدوث الخير, ويرنو إلى النجاح, ويستبعد ما خلا عن ذلك.
وهو أيضا عبارة عن ميل أو نزوع نحو النظر إلى الجانب الأفضل للأحداث أو الأحوال, وتوقع أفضل النتائج.
غير أن الشيء الغريب المنتشر في مجتمعاتنا اليوم , أن معظم الناس يوجهون تركيزهم نحو الجانب السلبي, الجانب المظلم, العقبات....مما يجعلهم يسجنون أنفسهم في هاته المعوقات والأحزان, متناسينا بذلك الجانب المشرق من حياتهم, والإمكانات التي تتوفر لديهم...
فلنغير هاته النظرة السوداوية التشاؤمية, ولنعمل بمقولة " تفاءلوا بالخير تجدوه"
لو حللنا هاته المقولة سنجد:
تفاءلوا ( هذه هي الفكرة) بالخير( هذه هي الوسيلة) تجدوه ( هذه هي النتيجة)
من خلال هذا التحليل نتوصل إلى أن التفاؤل هو الأسلوب السليم في التعامل مع الحياة, فالإنسان المتفائل هو الراضي عن حياته, المؤمن بالقضاء والقدر, المتوكل على الله سبحانه وتعالى دائما طموح....., فهو يعتبر نعمة من الله عز وجل منحنا إياها حتى تنير لنا دروب حياتنا وتبعث فينا الأمل من جديد مهما واجهنا من مصاعب.
يقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي " أنا عند حسن ظن عبدي بي" رواه البخاري ومسلم
كما يعد التفاؤل سنة نبوية, فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الفأل وينهى عن التشاؤم والتطير, وكان منهجه في التفاؤل يتجلى في ( قدر الله و ما شاء فعل), وقد كان ينهى قومه عن كلمة لو لأنها تفتح عمل الشيطان, وأمرهم أن يقولوا : (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(البقرة: 216
وإذا تتبعنا حياة الرسول صلى الله عليه وسلم سنجدها مليئة بالتفاؤل وحسن الظن بالله, ويظهر ذلك في عدة مواقف منها :
تفاؤله صلى الله عليه وسلم وهو في الغار مع صاحبه, والكفار على باب الغار وقد أعمى الله أبصارهم فعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال:( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار,فرفعت رأسي, فإذا أنا بأقدام القوم, فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا,قال: أسكت يا أبا بكر, اثنان الله ثالثهما) متفق عليه.
وأيضا تفاؤله صلى الله عليه وسلم عند حفر الخندق حول المدينة، وذكره لمدائن كسرى وقيصر والحبشة، والتبشير بفتحها وسيادة المسلمين عليها.
كما نجد كذلك أن للتفاؤل فوائد صحية حيث أثبتت الأبحاث والدراسات ذلك , ومن هاته الفوائد التي تجعلنا نتفاءل:
1- التفاؤل يرفع نظام مناعة الجسم ضد جميع الأمراض.
2- التفاؤل يمنح الإنسان قدرة مواجهة المواقف الصعبة واتخاذ القرار المناسب.
3- يحبب الناس إليك فالبشر يميلون بشكل طبيعي إلى المتفائل وينفرون من المتشائم.
4- التفاؤل يجعلك أكثر مرونة مع علاقاتك الاجتماعية وأكثر قدرة على التأقلم مع الوسط المحيط بك.
5- التفاؤل مريح لعمل الدماغ!! فأن تجلس وتفكر عشر ساعات وأنت متفائل, فإن الطاقة التي يبذلها دماغك أقل بكثير من أن تجلس وتتشاءم لمدة خمس دقائق فقط!
6- التفاؤل يمنحنا السعادة, ويجعلنا نتمتع بالحياة.
بعدما تعرفنا على التفاؤل وأهميته, وإيجابياته العديدة أصبح من واجبنا إنتهاج هاته المنظومة العظيمة, حتى تنير لنا حياتنا وتسهل لنا طريق النجاح , ومن أهم العوامل التي تستند عليها هاته المنظومة :
_حسن الظن بالله:
لأن التشاؤم نهى عنه رسولنا الكريم, والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله في كل الأحوال.
_التوكل على الله عز وجل :
وهو من أسباب النجاح، فالإنسان عندما يكون متوكلاً على الله في كل أمره يكون مرتاح البال في أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه مما يجعله يندفع في هذه الحياة باذلاً ما يملك من جهد في سبيل تحقيق أمنياته.
_ أعقلها وتوكل:
التفاؤل لا يعني أن نحسن الظن من دون بذل أي مجهود, فالاثنين ( التفاؤل والتوكل ) مرتبطان ارتباطا وثيقا, بمعنى أن قوة ثقتك بالله وعونه لك يهون عليك المصاعب التي تواجهها.
_إن من البيان ...لسحرا:
إن للكلمات أثر السحر في التأثير على الإنسان كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من البيان لسحرا), فنجد الكلمات الايجابية تبعث طاقة ونشاط في الانسان عكس المفردات السلبية.
_ القرآن الكريم:
فليس مثله كتاب على وجه الأرض يمنح المؤمن التفاؤل والفرح والسرور,ومهما تكن الهموم ثقيلة والمصيبة كبيرة فإنه يهونها علينا, ونجد فيه كذلك كل الحلول لمشاكلنا ويكفي أن تقرأ هذه الآية العظيمة التي تمنح الإنسان الرحمة والفرح والأمل، يقول تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم) الزمر: 53