العــــــــــــــــــلـــــــــــــم
باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة و السلام على رسوله الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العـــلم ...!!!
العلم... ترى عن أي شيء سأتكلم فيه؟، عن فضله؟، أم عن أهميته؟ ...
على أية حال، هو غني عن التعريف!! .
و لكن سنحاول معا أن نتناول بعضا مما يتعلق به من أمور.
لنتناول مثلا قضية الفشل الدراسي !!
ألا ترى معي أن الناس يحكمون على الفاشل في الدراسة بأنه فاشل في الحياة!!، أليس هذا غريبا بعض الشيء؟، ثم من أين لهم هذا الحكم؟، لا الحقيقة و لا التجارب تثبت ذلك !! ...إذا لم هذه النظرة الغريبة المبتدعة؟.
إن الناظر في مسيرة الحياة عبر قرونها المختلفة سوف يرى العجب العجاب!!...
في الحقيقة هذا أمر غني عن أن نمثل له، أو نبحث له عن نماذج، لأن الأمر ظاهر للناس.
ثم من قال أن الناجحين في الدراسة هم ناجحون في الحياة؟ ... بنظرة سريعة فقط سوف تتجلى أمامك الحقيقة .
صحيح أن العلم يرفع أصحابه، أنه لهم الفضل في تنوير العقول، في تطوير الحياة، في كثير من الأمور ...لكن في الحقيقة لهم نصيب في مأساة الإنسانية أيضا، أو ليست هذه حقيقة أيضا؟ ... , وأنت طبعا لست بحاجة إلى دليل...!.
ثم من قال أن العلم محصور فقط في المدرسة؟ أيعني ذلك أنه لا يمكن أن يكون في أي مكان آخر؟ ...غريب !! ... أترى أن من يحب أن يتعلم يمكن أن يكون هذا الأمر عائقا أمامه؟...إذا القضية تكمن في حب العلم، لا في أين أتعلم !! ... وفكر جيدا في الأمر .
ثم لاحظ معي أمرا ... الناس؛ آباء، طلبة، أساتذة... ممن يحكم على الفاشلين في الدراسة بالفشل في الحياة...إذا سألتهم لماذا لا تحب أن يفشل ابنك مثلا في الدراسة؟ سيقول لك: سوف يكون محل سخرية أمام الناس !؛ إذا فإن الناجح سيكون محل إعجاب ومحل فخر لأهله!! ...رائع !!!...إذا القضية قضية إعجاب و تفاخر...لنتغاضى عن هذا!، فإذا قلت له: هل الله يعتبر الفشل في الدراسة ذنبا؟ سيقول لك: لا!، ثم إن قلت له: هل الله حكم على أن الفشل في الدراسة يعني فشلا مؤكدا في الحياة؟ سيقول لك أيضا : لا !، هل حكم الله أن الفاشل في الدراسة سيكون سبب ذل للعائلة، وأن الناجح سيكون سبب عزة ؟ سيقال لك: لا !، هل طلب الله منا العلم لأجل تحصيل المنزلة بين الناس؟، في الحقيقة سيجدون صعوبة في الإجابة على هذا السؤال؛ رغم معرفتهم بها؛ لأنهم سيواجهون بذلك حقيقة مفادها أنهم ...لا داعي لأن أقولها هم أدرى بها مني .
إليكم أيها القضاة على الناس!!! ما يلي:
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي رِيحَهَا .
أو ليس هذا ما تستندون إليه؛ تبتغون عرضا من الدنيا!؛ ستنكرون ؟! ... حسنا دعوني أوضح لكم الأمر .
إذا كنتم لا تريدون عرض الدنيا، فلعلكم تريدون وجه الله؟ ! فهل الله حكم بما أنتم تقولون؟، لقد أجبتم لا قبل قليل ... إذا فأنتم لا تريدون إلا وجه الدنيا .
و مادام حكمكم يستند إلى باطل فهو باطل! و رفعت الجلسة ...!!!
قضية أخرى، تخص المتعلمين منا؛ هي في الحقيقة جواب عن سؤال لماذا نتعلم؟، فعندما نريد أن نتعلم نضع أمام أعيننا هدفا معينا، و حتى أهدافا ...و كل أعلم بحقيقة أمره!
أحذرك أولا، فانتبه !!
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ .
غص في أعماقك و ابحث، هل أنت من أحدهم، أم أنت منهم جميعا؟
أتعلم ؟ ... أن من طلب العلم للآخرة كسره علمه وخشع قلبه واستكانت نفسه وكان على نفسه بالمرصاد فلا يفتر عنها بل يحاسبها كل وقت ويتفقدها فإن غفل عنها جمحت عن الطريق المستقيم وأهلكته.
ومن طلب العلم للفخر والرياسة وبطر على المسلمين وتحامق عليهم وازدراهم فهذا من أكبر الكبر ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.
تأمل في الناس؛ إنك إن جئت تكلمهم في أمر، لنقل أمرا دينيا مثلا؛ فإنك بمجرد أن تنطق الكلمة الأولى، و لعلك لا تكاد تنهيها، تجد الجميع يتكلم، يشارك، يفهم أو لا يفهم، يناقش، بل وحتى يجادل، ... فليس غرضه أن يفهم، أو أن يقتنع، و لا حتى أن يعترف بالحق إن أقحم، فقط تجده يسفه رأيك، يرده، و إن كان قرآنا... ليس هدفه البحث عن الحق، بل مجرد الجدال... يعني إدعاء الفهم و المعرفة !!! ...
أحيانا، أتساءل لماذا يفعلون ذلك ؟، ... هل من الصعب أن نعترف بالحق؟، إنه الحق!
المهم أن أتعرف عليه، مهما كان، و ممن كان، و كيف كان ...ببساطة لأنه الحق .
لا أتصور إلا معجبا بنفسه، أو مغرورا، أو متكبرا، من لا يعترف بالحق، لا أجد تفسيرا غيرا هذا .
أحيانا أنظر في عين من أتكلم معه، فإن شعرت أنه ممن يبحث عن الحق، أستمر معه بكل حب له و تقدير، وبكل إصغاء لكلامه، و بكل أدب.
أما إن نظرت في عينيه، ووجدت أنه لا يبحث عن الحق، فإني أصرف قلبي وذهني عنه، فأصمت، و لا أزيد حرفا مهما كان .
يقول ابن الجوزي : ‘‘ ... فذلك –أي الجدال- فيه إيذاء للمخاطب وتجهيل له، وطعن فيه، وفيه ثناء على النفس وتزكية لها بمزيد الفطنة والعلم، ثم هو مشوش للعيش؛ فإنك لا تمارى سفيها إلا ويؤذيك، ولا تماري حليما إلا ويقليك ويحقد عليك؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من ترك المراء وهو مبطل بنى الله له بيتا في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محق بنى الله له بيتا في أعلى الجنة).
ولا ينبغي أن يخدعك الشيطان ويقول لك: أظهر الحق ولا تداهن فيه، فإن الشيطان أدبا يستجر الحمقى إلى الشر في معرض الخير، فلا تكن ضُحكة للشيطان فيسخر منك، فإظهار الحق حسن مع من يقبله منك، وذلك بطريق النصيحة في الخفية لا بطريق المماراة.
وللنصيحة صفة وهيئة، ويحتاج فيها إلى تلطف وإلا صارت فضيحة، وكان فسادها أكثر من صلاحها... ’’ .
ما أروع هذا الكلام !!
و احفظ جيدا قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
‘‘ أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه’’ .
وقال الأوزاعي: إذا أراد الله بقوم سوءاً أعطاهم الجدل ومنعهم العمل.
ثم ألا ترى أن الجميع صار يفتي، أو بعبارة أخرى صار يتساهل في الفتوى، حتى أن الناس صاروا يسألون أسئلة ... لا أدري بم أصفها!!! ... أصبح الأمر سهلا جدا!!!، متاحا جدا ...!!!
وقال ابن حصين: إن أحدهم ليفتي في مسألة لو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر، فلم يزل السكوت دأب أهل العلم إلا عند الضرورة.
يروى أن رجلا سأل مالكاً عن مسالة فقال: لا أحسنها فقال الرجل: إني ضربت إليك كذا وكذا لأسألك عنها، فقال له مالك: فإذا رجعت إلى مكانك وموضعك فاخبرهم أني قلت لك لا أحسنها.
بكل بساطة... حسم الأمر تماما، وانتهى الأمر .
وسئل الشافعي رضي الله عنه عن مسألة فكست، فقيل له: ألا تجيب رحمك الله؟ فقال: حتى أدري الفضل في سكوتي أو في جوابي؟ .
يمكنك أن تقارن بين هذا و ما نحن عليه اليوم !
ثم يا ليت من يفتي عالما؛ إنهم أناس عاديون، بل لعلهم لا يعلمون من الدين غير لا إله إلا الله، يفتي وكأنه شيخ العلماء و يتعصب أيضا !!!، سبحان الله .
قال ابن قعنب:‘‘دخلت على مالك بن أنس في مرضه الذي مات فيه، فسلمت عليه، ثم جلست فرأيته يبكي، فقلت: يا أبا عبد الله، ما الذي يبكيك قال فقال لي: يا ابن قعنب،وما لي لا أبكي ومن أحق بالبكاء مني والله لوددت أني ضربت لكل مسألة أفتيت فيها برأيي بسوط سوط،وقد كانت لي السعة فيما قد سبقت إليه، وليتني لم أفت بالرأي’’ .
لا حول ولا قوة إلا بالله! .
أيضا تجد أن من استشكل عليه أمر، يستصعب على نفسه أن يسأل!، إما خجلا، أو حياء ولا أظنه الحياء، لأن الحياء يجعله لا يرضى لنفسه الجهل، أو كبرا، كأن يكون المسؤول دونه في العلم أو في السن مثلا، أو أنه يخشى سخرية الناس منه، ولا أدري ما شأن الناس، أصبح الواحد لا يفعل شيئا إلا أن يعرضه على الناس يرضون، أو لا يرضون!.
في المقابل تجد من يسأل أسئلة غبية، أو لا تفيده لا في دينه ولا في دنياه، قد يسأل تباهيا وقد يسأل امتحانا، أو إفحاما، أو فضولا! .... كل على حسب غرضه!!! .
من ذلك :
ما نقل أنه جاء رجل إلى ابن عقيل فقال، إني كلما انغمس في النهر غمستين وثلاثاً لا أتيقن أنه قد غمسني الماء ولا أني قد تطهرت فكيف أصنع، قال له لا تصل، فقيل له كيف قلت هذا، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى ينتبه وعن المجنون حتى يفيق ومن ينغمس في النهر مرة أو مرتين أو ثلاثاً ويظن أنه ما اغتسل فهو مجنون.
ومن المنقول عن بعض الفقهاء إن رجلاً قال له إذا نزعت ثيابي ودخلت النهر اغتسل أتوجه إلى القبلة أم إلى غيرها قال توجه إلى ثيابك التي نزعتها.
وسأل رجل الشَّعبي عن المسح على اللحية فقال: خلّلها بأصابعك فقال: أَخاف أَلاّ تَبُلّها قال الشعبي: إِن خفت فانقعها من أَوَّل الليل.
وسأله أخر: هل يجوز للمحرم أَن يَحُكّ بدنه؟ قال: نعم قال: مقدار كَم؟ قال: حتى يبدوَ العظم.
وروى في حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: تَسَحَّروُا وَلَو بأَن يَضَعَ أَحَدُكُم أصبعه عَلَى التُّراب ثُمَّ يَضَعَهَا فيِ فِيِه، فقال رجل: أَيّ الأصابع؟ فتناول الشعبي إِبهام رجله وقال: هذه.
وسئل عن أَكل لحم الشيطان فقال: نحن نرضى منه بالكفاف.وقال له رجل: ما اسم امرأَة إِبليس؟ فقال: ذاك نكاحٌ ما شهدناه.
إلا أن هناك من يسأل ليتعلم حقا، و كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال ؟ .
يسعون لمعرفة ما جهلوا من علم ، و لا يهمهم غير التعلم !.
ثم من العجيب حقا أن يبخل العالم بعلمه!، لا أدري لمن يكنزه؟!، وما يكتسب العلم إلا لينفق بحسب القدرة والحاجة؛ وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ عَلِمَهُ ثُمَّ كَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ .
وترى البعض لا يريد أن يتفوق عليه أحد، فيجعل أمامك العقبات، و إذا ما عرفته بما وصلت إليك سفهك، هكذا ليحبطك فقط!، هو يريد أن يشار له وحده بالبنان !.
في الحقيقة؛ العلم ...مسؤولية ضخمة جدا ... أمانة لا بد أن نرعاها...و السبيل الأمثل لرعايته، أن لا نتوقف عن طلبه، عن الإنفاق منه، والعمل به، محولين ما كان نظريات إلى واقع.
قال هلال بن العلاء: طلب العلم شديد وحفظه أشد من طلبه والعمل به أشد من حفظه والسلامة منه أشد من العمل به .
وقال ابن المبارك: لا يزال المرء عالماً ما طلب العلم فإذا ظن أنه قط علم فقد جهل.
وقال بعض الحكماء : « من ظن أنه عاقل والناس حمقى كمل جهله » .
وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعوذ بك من علم لا ينفع " .
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ : لَمْ يَنْتَفِعْ بِعِلْمِهِ مَنْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : ثَمَرَةُ الْعِلْمِ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ ، وَثَمَرَةُ الْعَمَلِ أَنْ يُؤْجَرَ عَلَيْهِ .
وقال صلى الله عليه وسلم: " من تعلم علماً لم يعمل به لم يزده العلم إلا كبرا " .
وعنه صلى الله عليه وسلم: " يجاء بالعالم السوء يوم القيامة فيقذف في النار فيدور بقصبه كما يدور الحمار بالرحا فيقال له بما لقيت هذا وإنما اهتدينا بك فيقول كنت أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه " .
ويروى أَنَّ الْخَضِرَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا ابْنَ عِمْرَانَ تَعَلَّمْ الْعِلْمَ لِتَعْمَلَ بِهِ ، وَلَا تَتَعَلَّمْهُ لِتُحَدِّثَ بِهِ فَيَكُونُ عَلَيْك بُورُهُ ، وَلِغَيْرِك نُورُهُ .
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : أَخْوَفُ مَا أَخَافُ إذَا وَقَفْت بَيْنَ يَدِي اللَّهِ أَنْ يَقُولَ : قَدْ عَلِمْت فَمَاذَا عَمِلْت إذْ عَلِمْت ؟.
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: إني لأرحم ثلاثة: عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر وعالماً تلعب به الدنيا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : إنَّمَا زَهِدَ النَّاسُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ قِلَّةِ انْتِفَاعِ مَنْ عَلِمَ بِمَا عَلِمَ .
وقال الحسن: عقوبة العلماء موت القلب، وموت القلب طلب الدنيا بعمل الآخرة وأنشدوا:
عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى ... ومن يشتري دنياه بالدين أعجب
وأعجب من هذين من باع دينه ... بدنيا سواه فهو من ذين أعجب
في الحقيقة مصيبة كبرى أن تكون الدنيا منطلق آرائنا و أحكامنا، وحتى منطلق أهدافنا، فلو أن الإنسان يطلب العلم لله حقا، ما كان الفشل الدراسي عائقا أمامه عن مواصلة التعلم، أضف إلى ذلك أن الكثير منا لا يحسن التمسك بأحلامه، لا يحسن النهوض، يحب دائما الطريق السهل المختصر ... مستعجلون دائما حتى في تحقيق أحلامنا!...ماديون إلى أبعد الحدود! ... إننا دنيويون ! ... وإن كنا نؤمن بالله!
ويا ليتنا أقمنا الدنيا إذ لم نقم الدين؛! لا إيمان بالله!، لا إيمان بالحلم!، لا دنيا نبنيها كما يفعل غيرنا، ولا دين ...فهل تجد لنا هوية!
يبدو الأمر بسيطا لا يستحق كل هذا... و لكنه العلم و ما أدراك ما العلم!، لم نعرف له قدرا ولا وزنا، فما عُرف لنا قدْر ولا وزن ...
على أية حال إليك بعضا من كلام العلماء؛ و حاول أن تستفيد منه :
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل:‘‘ يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو بالإنفاق’’.
وقال علي أيضاً رضي الله عنه: ‘‘العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد، وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه وقال رضي الله عنه نظماً:
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم ... على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه ... والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حياً به أبــداً ... الناس موتى وأهل العلم أحياء
وقيل شكا الشافعي إلى وكيع بن الجراح سوء الحفظ، فقال له: استعن على الحفظ بترك المعاصي، فأنشأ يقول:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي
وذلك أن حفظ العلم فضل ... وفضل الله لا يؤتى لعاصي
وعنه شعر:
أخي لن تنال العلم إلا بستة ... سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ... وصحبة أستاذ وطول زمان ’’
وقال أبو الأسود:‘‘ ليس شيء أعز من العلم، الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك’’ .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: خير سليمان بن داود عليهما السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه’’ .
وقال أبو حامد الغزالي : ‘‘ ... فلا ينبغي أن يخادع الإنسان نفسه فإن المقصر العالم بتقصيره أسعد حالاً من الجاهل المغرور أو المتجاهل المغبون وكل عالم اشتد حرصه على التعليم يوشك أن يكون غرضه القبول والجاه،وحظه تلذذ النفس في الحال باستشعار الإدلال على الجهال و التكبر عليهم...’’ .
واعتبر من هذه القصة : ذكر أبو يوسف صاحب أبي حنيفة قائلا: كنت أطلب الحديث والفقه وأنا مقل رث الحال، فجاء أبي يوماً وأنا عند أبي حنيفة، فانصرفت معه، فقال: يا بني، لا تمد رجلك مع أبي حنيفة، فإن أبا حنيفة خبزه مشوي، وأنت تحتاج إلى المعاش، فقصرت عن كثير من الطلب وآثرت طاعة أبي، فتفقدني أبو حنيفة وسأل عني، فجعلت أتعاهد مجلسه، فلما كان أول يوم أتيته بعد تأخري عنه قال لي: ما شغلك عنا قلت: الشغل بالمعاش وطاعة والدي، فجلست، فلما انصرف الناس دفع إلي صرة وقال: استمتع بها، فنظرت فإذا فيها مائة درهم، فقال لي: إلزم الحلقة وإذا فرغت هذه فأعلمني، فلزمت الحلقة، فلما مضت مدة يسيرة دفع إلي مائة أخرى، ثم كان يتعاهدني، وما أعلمته بخلة قط ولا أخبرته بنفاد شيء، وكأنه كان يخبر بنفادها، حتى استغنيت وتمولت.
هذا لمن يرى أن طلب العلم لا فائدة منه، و دعوة لتبني النوابغ، أو من يظهر عليه حب طلب العلم، فلعل الأمة تجني خيرا من ورائهم ...!!! .
0 التعليقات:
إرسال تعليق