الحريــة الشخصيـة


باسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ).
الحرية مفهوم شغل البشرية منذ القدم, فالجميع يسعى لتحقيقه والتمتع به, و على الرغم من إتفاقهم على أنه ضرورة إجتماعية فقد إختلفوا في تحديد مفهومه, فنجد الزنوج يطالبون بالحرية ونبذ التمييز العنصري, والمرأة من جهتها تطالب بالمساواة والتحرر من تسلط الرجل, كما نجدوا شعوبا بأسرها تناضل وتنادي بالحرية الإجتماعية والسياسية كما هو الحال في فلسطين والعراق وغيرها ...
أما بالنسبة لفئة الشباب فمفهوم الحرية لديهم يتخذ إتجاها آخر, فهم يرون أن الحرية هي فعل كلما يحلو لهم دون قيد أو ضابط, بمعنى الإنقياد وراء شهواتهم ورغباتهم من دون إعطاء إعتبار لأي مبدأ كان, فالمظاهر التي تصادفنا هاته الأيام في الشوارع خير دليل على ذلك, ومن هاته المشاهد:
إذا صادفت في طريقك شاب غريب الهيئة وفي رقبته عقد فقمت بنصحه فقال لك
(حرية شخصية)
إذا رأيت فتاة تمشي وشعرها وأجزاء من جسدها مكشوفة فنصحتها فقالت لك
(حرية شخصية)
إذا رأيت أحد يدخن سجائر فذكرته بأضرارها وحرمتها قال لك (حرية شخصية)
أيعقل كل هذا!!! هل هذا هو المفهوم الحقيقي للحرية الشخصية ؟؟أم هو إنحلال و تقليد للسموم التي بثها الغرب إلينا , فالحرية إن لم تكن لها ضوابط وقيود تحكمها أصبحت للفوضى والإنحلال أقرب.
ومن المعلوم أن الإنسان إذا أصبح عبدا لهواه فإن هذا الأمر سيدمره أكثر مما يبنيه, لذلك جاء ديننا الحنيف وجعل للحرية قيود وضوابط حتى لا تصبح أشبه بالفوضى, حيث وضع لنا منهاج خاص نسير وفقه, ألا وهو كتاب الله المقدس (القرآن الكريم) وسنة نبيه الكريم (صلى الله عليه وسلم)
حيث قال صلى الله عليه وسلم: ( تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما ... كتاب الله وسنتي ..ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) صحيح الجامع للالباني
ويقول الله تعالى:{ فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}
ما نفهمه من هاته الآية أن الله عز وجل يأمرنا بالرجوع الى كتابه العزيز وسنة نبيه الكريم في حالة التنازع والإختلاف.
وكما جاء في كتابه العزيز بعد قوله تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم}
وبالتالي هل يرفض عاقل أن يضع ضوابط الحرية خالق البشر الحي الذي لا يموت ,عالم الغيب والشهادة, له ما في السموات والأرض, بيده كل شيء....., ويقبلها من البشرالناقصين أصحاب الهوى؟!!
فلنحكم عقولنا كي نفهم الحرية على حقيقتها, الحرية التي تضمن لنا السعادة في الدنيا والآخرة, وهي أن نكرس حياتنا في عمل كلما يرضاه الله عز وجل كما جاء في كتابه الكريم بعد قوله تعالى:{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} الأنعام 162_163
فليسأل كل منا نفسه هل حياته كلها لله؟ هل جعلها لطاعته؟ هل إمتثل لأوامره ؟ هل إتبع سنة نبيه الكريم؟
فإذا كانت الإجابة نعم فليحمد الله على هاته النعمة, أما إذا كانت الإجابة لا فليلحق نفسه قبل فوات الأوان قبل أن يجيء عليه وقت يندم فيه يوم لا ينفع الندم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق