كفالة اليتيــــــم والأجر العظيــــــم

باسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أهم ما يميز الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم هو التواصل والتراحم بين أفرادها ومجتمعاتها, ولقد حث ديننا الحنيف على ذلك حيث
يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له الأعضاء بالسهر والحمى".
إذا فالتكافل والتراحم يعتبر منحة وتكريم رباني لهاته الأمة , حيث يعتبر وسيلة من وسائل تحقيق الترابط بين أفراد المجتمع المسلم وإرساء دعائم الاستقرار و الأمن الاجتماعي وتربية النشء على أسس وقيم أخلاقية شرعية .
ومن صور ومشاهد التكافل والتراحم , كفالة اليتيم التي تعتبر من أعظم أبواب الخير التي حثت عليها الشريعة الإسلامية حيث قال تعالى في كتابه العزيز: ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) سورة البقرة الآية 215
وقال تعالى : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) سورة النساء الآية 36 .
كما وضع الإسلام حوافز كثيرة تحث على السعي بل المسارعة إلى كفالة اليتيم ورعايته والعناية به من جميع النواحي, من أجل الفوز بهاته الحوافز ونيل رضا الله عز وجل .
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما ) رواه البخاري
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :( من ضم يتيماً بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة ] رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد مختصراً بإسناد حسن كما قال الحافظ المنذري . وقال الألباني صحيح لغيره. انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/676 .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ( أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه ؟ قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك ) رواه الطبراني وقال الألباني حسن لغيره . انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/676 .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر) رواه البخاري ومسلم .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من مسح رأس يتيم لم يمسحها إلا الله كان له بكل شعرةًَََََ مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلي يتيمة أو يتيم عنده كنت انا وهو في الجنة كهاتين وفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى) رواه أحمد
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم):من عال ثلاثة من الأيتام كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله ، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان وألصق إصبعيه السبابة والوسطى ( رواه ابن ماجة
وتكون كفالة اليتيم بضمه الى أسرته , بمعنى تربيته والإنفاق عليه بالمعروف وتأديبه حتى يبلغ,أي أن يعامله كما يعامل أولاده.
يقول الامام النووي في شرح مسلم :(كَافِل الْيَتِيم ) الْقَائِم بِأُمُورِهِ مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ ، وَهَذِهِ الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه ، أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة
وقال ابن حجر في فتح الباري : وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْمُعْجَم الصَّغِير " مِنْ حَدِيث جَابِر " قُلْت يَا رَسُول اللَّه مِمَّ أَضْرِب مِنْهُ يَتِيمِي ؟ قَالَ : مِمَّ كُنْت ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدك وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْمُعْجَم الصَّغِير " مِنْ حَدِيث جَابِر " قُلْت يَا رَسُول اللَّه مِمَّ أَضْرِب مِنْهُ يَتِيمِي ؟ قَالَ : مِمَّ كُنْت ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدك غَيْر وَاقٍ مَالَك بِمَالِهِ " وَقَدْ زَادَ فِي رِوَايَة مَالِك الْمَذْكُور " حَتَّى يَسْتَغْنِي عَنْهُ " فَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ لِلْكَفَالَةِ الْمَذْكُورَة أَمَدًا "
ولا يحق لكافل اليتيم ان يضحي بمال اليتيم ( ان كان له مال) من اجل سلامة ماله الشخصي ، وهو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (غَيْر وَاقٍ مَالَك بِمَالِهِ )
وهاته أعلى درجات الكفالة حيث كانت هي الغالبة في عصر الصحابة, فقد كانوا رضي الله عنهم يضمون الأيتام إلى أسرهم.
كما يجوز أن تكون الكفالة بإرسال مبلغ مادي ينفقه عليه من هو قائم بأموره من أقارب أو جمعيات خيرية, إضافة الى أنه يمكن إشتراك أكثر من شخص في كفالة يتيم واحد , خاصة إذا كان غير قادر على كفالته وحده.
وتقدر كفالة اليتيم بضمان الحاجات الأساسية له دون الكمالية, كالمأكل والملبس والتعليم وغيرها مما يضمن له حياة كريمة.
لو أمعنا النظر في الفضائل السابقة الذكر,سنجد أن العمل بسيط للغاية مقارنة مع جزائه, فالفوز بالجنة يعتبر منحة ربانية عظيمة, فلنسعى جميعا لنيل هاته المنحة المباركة حتى لو كانت المساهمة بسيطة فأكيد أنها عند الله عظيمة, ولنتذكر دائما قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما ) رواه البخاري
0 التعليقات:
إرسال تعليق